أسماء الكواكب ~

أسماء الكواكب ~

لطالما كانت السماء وما تحويه من أجرام مصدر إلهام وتشويق للإنسان منذ فجر الحضارات ، فلا يوجد أبدا حضارة
لم تهتم بتأمل سماء الليل ورصد الكواكب والقمر ، بل كانت السماء محركا فكريا وسببا رئيسيا في ظهور وتبلور الأساطير
من جهة والفلسفة من جهة أخرى كل أسماء الكواكب هي أسماء لآلهة وثنية وأن أسماء النجوم والأبراج أسماء
لشخصيات أسطورية . وفي هذه المقالة سنتأمل قليلا في أسماء الكواكب وكيف أن هذه الأسماء تتطابق بشكل مدهش مع
صفات الكواكب نفسها ! وسنهتم بالأسماء الانجليزية الحديثة (وليس الأسماء العربية)~

ولكن قبل التطرق إلى هذا لا بد من الإشارة إلى النقاط الهامة التالية :

1. استطاع القدماء أن يفرقوا بين النجوم والكواكب ، على الأقل في حركتها ، لأن النجوم ثابتة في القبة السماوية
ولا تغير مواضعها بالنسبة لبعضها البعض ، بينما الكواكب على العكس من ذلك ، إذ لاحظوا أن هذه الأخيرة تتحرك
باستمرار في حركة دائرية ظاهرية حول الأرض . ولكنهم لم يعرفوا ماهية الكواكب أو تركيبها أو طبيعتها المادية ،
أي أنهم لم يدركوا أن الكواكب أجسام كروية صلبة معتمة ، بل اعتبروها نجوما بكل ما تحمله الكلمة من معنى
(كما تظهر للراصد الأرضي) ، ولكنها نجوم قريبة من الأرض وتتحرك حركة أبدية بالنسبة لخلفية النجوم الثابتة ،
وهذا ما تبينه الكلمة الإنجليزية للكواكب : Planets وهي مشتقة من اللاتينية ومعناها النجومالحـــــــــــائرة أو المتـحركـة ~

2. رصد الأقدمون خمس كواكب فقط ، أما آخر كوكبين وهما أورانوس ونبتون فقد اكتشفا في القرن 19م بعد
تطور التلسكوبات ، والجدير بالذكر أن القدماء رصدوا الكواكب بالعين المجردة ! بسبب بصرهم الخارق (الذي لا نملكه
اليوم) ونقاء الفلاف الجوي وبسبب شغفهم الكبير بتأمل السماء ، كما أنهم استطاعوا ـ بعد رصد منتظم ـ أن يضعوا
الكواكب في ترتيبها الصحيح !! أي عطارد ، الزهرة ، المريخ ، المشتري فزحل ، والأرض تتموضع في مركز
الكون وهي ثابتة لا تتحرك حسب النظرة الأرسطية ـ البطلمية . وسبب ذلك هو أنهم قد لاحظوا عطارد مثلا يتحرك
بسرعة ويتم دورة كاملة في السماء النجمية في وقت قصير بالنسبة للكواكب الأخرى كان الأقرب إلى الأرض ، وبنفس
التحليل تم ترتيب الزهرة والمريخ ، أما المشتري فهو يتحرك ببطء بالنسبة لخلفية النجوم ويدور دورة كاملة في
الكرة السماوية في وقت أطول بكثير لذلك كان الأبعد بالنسبة للأرض ثم يليه زحل في المرتبة الأخيرة من حيث البعد ~

3. الأرض لم تكن كوكبا ، ولم تكن نجما ، ولم تكن أي جرم آخر ! فالأرض حسب النظرية الجيومركزية هي مكان
فريد واستثنائي في الكون ولاينتمي إلى السماء لأنه ببساطة عالم ناقص ومتغير ومصيره الفناء على عكس السماء الخادلة
والمثالية وغير المتغيرة ، أي أن السماء موجودة فوق الأرض بكل ما تحمله الكلمة من معنى ! ~

وتبدو لنا اليوم مدى سذاجة هذا التصور المثالي و"المصطنع" للكون إلا أن هذه النظرة كانت السائدة والمهيمنة
أكثـــــــر من 2000 سنـة ! .

والآن سنبدأ بمناقشة أصل تسميات الكواكب السيارة ومدى ارتباط هذه التسميات بصفات هذه الكواكب ,,

عطــارد :

عطارد هو Mercury وهو رسول الآلهة عند اليونانيين والإله الرضيع عند الرومانيين ، فعطارد هو أسرع الكواكب
ويتحرك بـ"رشاقة" بينها بالإضافة إلى أنه أصغر الكواكب على الإطلاق لذلك استحق هذه التسمية .

الزهـرة :

هي Venus وهي إلهة (أنثى) الحب والجمال ، فالزهرة هو أسطع الكواكب على الإطلاق وأشدها تألقا ولمعانا (لمعان ظاهري) ،
فهو ثالث الأجرام لمعانا بعد الشمس والقمر ، ولذلك يعتبر الزهرة من أجمل الأجرام وخاصة عندما يظهر في
الأفق متلألئـا بضوء الشفق فاستحق هذه التسمية .

المريخ :

المريخ هو Mars وهو إله الحرب عند الرومان ، وسبب هذه التسمية هو اللون الأحمر للمريخ الذي أوحى لهم
بلون الــدم والنار فاستحق هو الآخر هذه التسمية .

المشتـري :

المشتري هو Jupiter وهو زعيم الآلهة عند الرومان (أو زيـوس عند الإغريق ، فالإغريق والرومان يتشاركون
نفس الآلهة ولكن بأسماء مختلفة لأن الأخيرة هيى امتداد للأولى) ، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو : كيف عرف
الأقدمون أن المشتري هو كبير أو "زعيم" الكواكب ؟! ، كما أشرنا سابقا فإن المشتري بعيد جدا عن الأرض لأنه
يستغرق مدة زمنية طويلة ليتم دورة حولها ، ولكنهم لاحظوا أن المشتري ساطع ولامع للغاية ، إذ أمه رابع الأجرام
سطوعا بعد الشمس والقمر والزهرة ، لذلك أدركوا أن المشتري يجب أن يكون كبيرا جدا ليكون له هذا السطوع
نظرا لبعده الكبير ، بل يجب أن يكون أكبر الكواكب على الإطلاق فاسنحق هذه التسمية .

زحــل :

زحل هو Saturn وهو إله الزراعة الروماني ، إذ يعتقد أن الرومان كانوا يعرفون مواسم الحرث والحصاد استنادا
إلى ظهور زحل أو اختفاءه تماما كما كان الفراعنة يعتبرون ظهور نجم الشعري اليمنية إيذان بموسم فيضان نهر النيل ،
وعليـــه استحق زحل هذه التسمية .

الشيء المشترك لهذه الأسماء هي أنها أسماء لآلهة وثنية ، وذلك لأن الأقدمين وخصوصا الإغريق (اليونانيون
القدماء) اعتبروا الكواكب كيانات حية غير محسوسة ومقدسة وخارقة تماما مثل الآلهة ، وإنه لمن المثير للسخرية حقا
أن فلاسفة اليونان وعلماءهم كانوا وثنيين ! ~

كما ذكرنا آنفا فإن الكوكبين الأخيرين ـ أورانوس ونبتون ـ قد اكتشفا في وقت قريب نسبيا (في القرن 19م) بسبب بعدهما
الكبير عن الأرض ، وهذا يفسر عدم وجود اسمين عربييـن لهما ، ويرجع الفضل في اكتشافهما إلى العالم العبقري السير إسحاق نيوتن ! ~

تم اكتشاف أورانوس على يد الملكي الكبير وليام هرشل وأخته كارولاين ، إذ قام هرشل بمساعدة أخته على تطوير
التلسكوب العاكس الذي اخترعه نيوتن وذلك بصقل عدساته الزجاجية لتكون لها قوة تكبيرية عالية ، وفي إحدى
ليالي عام 1781 رصدا كوكب أورانوس . أراد هرشل تسمية الكوكب الجديد بـ "جورجيوم" Georgium
تكريما للملك جورج الثالث الذي كان هرشل يعمل في قصره ، إلا أن الفلكي جون بود اقترح أنه سيكون من الملائم
تسمية الكوكب باسم أسطوري ليتناسب مع أسماء الكواكب الأخرى المكتشفة في العصر القديم .
وأورانوس Uranus هو إله السماوات الأعلى الإغريقي ، هذه التسمية تعني بأن أورانوس هو أبعد الكواكب
وبالتـالي أعلاها جميعا ، ولكن اكتشاف نبتون "خـرب" هذه التسمية ! .

وأخيرا وليس آخرا ، كوكب نبتون . نبتون هو الكوكب الوحيد الذي تم اكتشافه عن طريق المعادلات والتنبؤ الرياضي
بدلا من الرصد الطويل والمنتظم . إذ أن انحرافات أورانوس عن مداره النيوتني النمطي جعلت الفلكي الفرنسي المرموق
أوربان لو فيرييه يقترح أن هذه الانحرافات غير المتوقعة تعزى إلى وجود كوكب آخر أكبر من أورانوس يقع خلفه
أي أبعد منه من لشمس يؤثر جاذبيا على أورانوس ، وبتحليل هذه الانحرافات النشاهدة ونظرية نيوتن في الجاذبية
تمكن من حساب بعده المتوسط عن الشمس وزمنه الدوري وكتلته بصورة تقريبية ، ولم يمر عام حتى رصده الفلكي
الألماني يوهان غوتفيد ـ بالاعتماد على حسابات أوربان ـ سنة 1846 وقام بقياس بعده عن الشمي وزمنه الدوري
فوجد أنهما متقاربين من القيم النظرية لأوربان .

وكان اكتشاف كوكب نبتون واحدا من أعظم انتصارات الجاذبية النيوتنية إن لم يكن أعظمها : التنبؤ بوجود كوكب
لم يسبق أحد أن فكر فيه من قبل وتحديد خصائصه نظريا .

ونبتون هو إله البحر عند الرومان ، وعلى عكس أورانوس ، فاسم نبتون منطبق عليه جدا ، إذا أن نبتون كوكب
يتميز بلونه الأزرق الجميـل . وبالطبع فإن اللون الأرزق ليس سببه الماء ! بل سببه السحب الميثانيـة الكثيفة
في غلافه الجوي ذات اللون الأزرق .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

الموضوع الأصلي: أسماء الكواكب ~ || الكاتب: sama || المصدر: اسم منتداك

www.domin.com

كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات

المصدر: منتدى لغة الروح

سبحان الله على ما أبدع في السماوات من صنيع
والحمد لله على وجود مبدعين مثلك

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عـــــذاري [عزيزى الزائر لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد التسجيلللتسجيل اضغط هنا]

سبحان الله على ما أبدع في السماوات من صنيع
والحمد لله على وجود مبدعين مثلك

أهلا بك منورة الصفحة ~

تعلمنا الإبداع منكم ، دعمكم الدائم يحفزني على التأمل والعطاء أكثر ,, وأشكرك على التصحيح ^-^ ~

شكرا على التواجد الجميل ..
تحياتي ~