ليتكَ تحلو (أبو فراس الحمداني)
أمـا لِجَميـلٍ عِنْدكُـنَّ ثَـوابُ *** ولا لِمُسـيءٍ عِنْدَكُـنّ مَـتَـابُ
إذا الخِلُّ لَمْ يَهْجُركَ إلا مَلالةً *** فَلَيْسَ لـهُ ، إلا الفِـرَاقَ ، عِتـابُ
إذا لم أجد من خُلَّةٍ ما أُرِيدُهُ *** فعندي لأُخْـرى عَزْمَـةٌ وَرِكـابُ
وليس فِراقٌ ما استطعتُ فإن يَكُنْ *** فِراقٌ على حَالٍ فليـس إيـابُ
صَبورٌ ولو لم يبقَ مني بقيةٌ *** قَـؤُولٌ وَلـوْ أنَّ السيـوفَ جَـوابُ
وَقُورٌ وأحداثُ الزمانِ تَنوشني *** وَلِلموتِ حولـي جِيئـةٌ وَذَهَـابُ
بِمنْ يَثِقُ الإنسانُ فيما يَنُوبهُ *** ومِنْ أينَ لِلحُـرِّ الكَريـم صِحـابُ
وقدْ صَارَ هذا الناسُ إلا أقَلَّهُمْ *** ذِئـابٌ علـى أجْسَادِهـنَّ ثِيـابُ
تَغَابيتُ عن قومٍ فَظَنوا غَباوةً *** بِمَفْرِقِ أغبانـا حصًـى وَتُـرابُ
ولو عَرفوني بَعْضَ مَعرِفَتي بِهمْ *** إذاً عَلِموا أني شَهِـدتُ وغـاب
واإلى الله أشكـو أننـا بِمنـازلٍ *** تَحكَّـمَ فـي آسادِهـنّ كِـلابُ
تَمُرُّ الليالي لَيْسَ لِلنَّقْـعِ مَوْضِـعٌ *** لَـديَّ ولا لِلمُعْتَفِيـن جَنَـابُ
ولا شُدَّ لي سَرْجٌ على مَتنِ سابحٍ *** ولا ضُرِبتْ لي بِالعراءِ قِبـابُ
ولا بَرقتْ لي في اللقاءِ قواطعٌ *** ولا لمعتْ لي في الحروبِ حِرابُ
سَتَذكر أيامي نُميرٌ وَعَامرٌ *** وكعبٌ ، علـى عِلاتهـا ، وكِـلابُ
أنا الجارُ لا زادي بَطِيءٌ عَليْهِمُ *** ولا دونَ مالي في الحَوادثِ بَابُ
ولا أطلبُ العَوراءَ مِنها أُصِيبها *** ولا عورتي لِلطالبيـنَ تُصـابُ
بَني عَمِّنا ، ما يَفْعَلُ السيفُ في الوغى *** إذا قلَّ مِنْهُ مَضرِبٌ وَذُبابُ
بَني عَمِّنا ، نحنُ السَّواعِدُ وَالظُّبَا *** وَيُوشِكُ يوماً أن يكونَ ضِرابُ
وما أدَّعِي ما يَعلَمُ الله غَيـرهُ *** رِحَـابٌ عَلِـيٍّ لِلعُفـاة رِحـابُ
وأفعالـهُ لِلراغبيـن كَرِيمـةٌ *** وأمـوالـهُ للطالبـيـن نِـهَـابُ
ولكنْ نَبَا مِنهُ بِكَفِّيَ صَـارمٌ *** وأظلـمَ فـي عَيْنَـيَّ مِنـهُ شِهـابُ
وأبطأَ عَنِّي والمنايا سريعةٌ *** وَلِلمـوتِ ظِفْـرٌ قـد أطـلَّ ونـابُ
فإن لم يَكنْ وِدٌ قَرِيبٌ تَعُـدُّهُ *** ولا نَسَـبٌ بيـن الرجَـالِ قِـرابُ
فأحوطُ للإسلام أنْ لا يُضِيعني *** ولي عَنْهُ فِيـهِ حَوْطـةٌ وَمَنـابُ
ولكنني راضٍ علـى كـلِّ حالـةٍ *** لِنَعْلَـمَ أيَّ الخُلَّتيـنِ سَـرابُ
وما زِلتُ أرضى بالقليلِ محبةً *** لَدَيْهِ ، ومادون الكثيـر iiحِجـابُ
وأطلُبُ إبقاءً على الوُد أرضَهُ *** وذِكرى مِني في غيرها وطـلابُ
كذاكَ الوِداد المحضُ لا يرتجى لهُ *** ثوابٌ ، ولا يُخشى عَليهِ عقابُ
وقدْ كُنتُ أخشى الهجرَ والشمْلُ جَامِعٌ *** وفي كُلِّ يَوْمٍ لُقْيَةٌ وخِطَابُ
فكيف وفيما بيننا مُلْكُ قَيْصَرٍ *** ولِلْبَحْـرِ حولـي زَخْـرَةٌ وَعُبَـابُ
أَمِنْ بَعْدِ بَذْلِ النفس فيما تُرِيدُهُ *** أثابُ بِمُرِّ العَتـبِ حِيـنَ أُثـابُ
فليتك تحلو والحياةُ مريرةٌ *** وليتـك ترضـى والأنـامُ غِضـابُ
وليتَ الذي بيني وبينك عَامرٌ *** وبينـي وبيـن العالميـن خَـرابُ
إذا صحَّ مِنكَ الوِدُّ فالكُلُّ هَيّنٌ *** وكُلُّ الذي فـوقَ التُّـرابِ تُـرابُ
المصدر : موقع كوليلك
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك