منتدى لغة الروح

منتدى لغة الروح (https://www.logatelro7.com/vb/index.php)
-   الفيزياء العامة (https://www.logatelro7.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   تَعَقُّب الأكوان (https://www.logatelro7.com/vb/showthread.php?t=854)

mo7med 04-20-2016 10:26 PM

تَعَقُّب الأكوان
 
تَعَقُّب الأكوان

أندرو ليدل يتأمَّل في تفسير بارع لنظرية الأكوان المتعددة.

هل تجد صعوبةً في فَهْم الكون؟ إِذَن، حاوِلْ فيما يلي: تخيَّل 10500 كون ممكن، جميعها مختلف، وتأمَّل مكاننا ضمن هذه المجموعة. لم يُختَر ذلك عشوائيًّا، لأن المكان يجب أن يحقِّق بعض الشروط الأساسية، منها إمكان سُكْناه من قِبَل بعض الأجناس الذكية القادرة على التساؤل عن موقعها في الكون.
فهل يمكن لمثل هذا النموذج للأكوان المتعددة أن يساعدنا على فهم كوننا؟
لقد كتب عالِم الكَوْنِيّات ماكس تِجْمَارك كتابًا ممتعًا وسهل القراءة، بعنوان «كوننا الرياضي» Our Mathematical Universe، اجتهد فيه لإيجاد حل لسيناريو الأكوان المتعدِّدة.
وهو يتوجَّه في البداية إلى الجمهور المثقَّف علميًّا، إلا أنه يسعى إلى أَخْذِنا إلى التخوم النهائية للمعرفة المقبولة، بل وإلى ما بعدها. يتصف تفسيره لهذه الأفكار بأنه أكثر طموحًا وجِدَّةً من الكتب التي تناولت هذا الموضوع سابقًا، وكتبها ليونارد سَسّكايند، وألِكس فيلِنكين، على سبيل المثال.

[عزيزى الزائر لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد التسجيلللتسجيل اضغط هنا]

تتعارض نظرية الأكوان المتعدِّدة تعارضًا شديدًا مع الاعتقاد بأنه يجب أن يكون ثمة مبرر ما، أو ربما نظرية تفسر كل شيء، وتستطيع أن تحدِّد قوانين فيزيائية من قبيل أنواع الجُسيْمات الموجودة، والطريقة التي تتفاعل بها. في مشهد الأكوان المتعدِّدة..
كل ذلك مصادفة. وما نعرفه أنها «ثوابت الطبيعة» ـ ومنها قوة الجاذبية، أو نسبة كتلة البروتون إلى كتلة النيوترون ـ تَصادَفَ أنها تتَّخذ قِيَمًا معينة هنا، لكنْ في المواقع البعيدة فيما وراء ما نراه، فيمكنها أن تتَّخذ قِيَمًا أخرى، وأنْ تُنتِج أكوانًا بخصائص مختلفة جدًّا، تتجلَّى ربما بغياب الذَّرَّات والجزيئات المعقدة، ومن ثَمَّ انعدام الحياة.

إن نظرية الأكوان المتعدِّدة ـ التي نُظِر إليها ذات مرة على أنها فضول هامشي ذو مشروعية علمية مشكوك فيها ـ قد أوجدت أنصارًا جادِّين لها. فقد استعملها ستيفن واينبرج في عام 1987 للتنبُّؤ بأنه يجب أن يكون لكوننا المرئي ثابتٌ كوني يختلف عن الصفر، ربما بقيمة كبيرة كافية؛ لتلائم تَسَارُع توسُّع الكون.
وما فاجأ الجميع أنه تم إثبات صحة ذلك بعد عشر سنوات، من خلال أرصاد مستعرات فائقة بعيدة، أجراها فريقان من الفلكيين. وقد نال أولئك الذين قادوا العمل ـ وهم ساول بِرلموتَّر، وآدم رايسّ، وبرايان شميت ـ جائزة «نوبل» للفيزياء لعام 2011. وفيما بعد، تَبَيَّن أن نظريَّتَي الأوتار، وعلم الكون المتوسِّع توفِّران قاعدةً يمكن أن تتنبَّأ بوجود الأكوان المتعدِّدة، أو تحفِّز التنبُّؤ بها على الأقل.

ينطوي كتاب تِجمارك على توجُّهين في الكتابة العلمية المعاصرة: سيرة علمية ذاتية، وكتاب شعبي على شكل إعلانٍ يعبِّر عن مجموعة من الأفكار العلمية الشخصية غير الملائمة للدوريّات العلمية التقليدية. وبذلك..
يمزج تِجمارك العِلْم مع قصص إسهاماته الشخصية في مساعيه إزاء الأكوان المتعدِّدة. ومن حسن الطالع أنه مضِيف آسِر، فقد جعل إعلانه سهل الاستيعاب بتقسيم حياته البحثية إلى قسمين. يُغطي ربع الكتاب تقريبًا عمله «المنطقي» لتوثيق النماذج الكونية القائمة على البيانات الرصدية.
أما بقية الكتاب، فتُمَثِّل الجزء الغريب من الحقائق الكَمِّيَّة والأكوان المتعدِّدة، حتى إن هذا الجزء يتضمَّن رسالة إلكترونية من شخص أكاديمي رفيع الشأن (من المؤسف أنه لم يذكر اسمه) ينصحه بالاعتزال، قبل أن يهدم تاريخ حياته العملية. وإنه لمن الواضح أين تقع أفضليّات تِجمارك: يمثِّل هذا الكتاب رؤيته لنموذج الأكوان المتعدِّدة بوصفه نموذجًا صحيحًا لوصف الواقع.

يُحب تِجمارك نظرية الأكوان المتعدِّدة كثيرًا، لدرجة أنه لم يقبل بكون واحد فقط، بل يُقدِّم أربعة مستويات مختلفة للنظرية. في المستوى الأول، لدينا ببساطة كونُنا الذي نعيش فيه، بقوانينه الفيزيائية، الممتد إلى الأبد. والشيء المفاجئ هو كفاية هذا لضمان أنّ هناك في مكان بعيد ما «نُسَخًا منك، مطابقة لك تمامًا، تقرأ هذا المقال»، على نسخة للأرض مطابقة لها تمامًا، حتى إنه قد تكفي الإشارة إلى أنك ـ على الأرجح ـ موجود ضِمْن محاكاةٍ للحقيقة، لا ضِمْن الحقيقة نفسها (مهما كان ذلك يحمل مِن معنى).

في المستوى الثاني، ولعله الأكثر شيوعًا بين أنصار نظرية الأكوان المتعدِّدة، تتغيَّر القوانين الفيزيائية ضمن الأكوان المتعدِّدة، بحيث يمكن اعتبار المناطق البعيدة أكوانًا متميِّزة، لكن من الضروري أن يفسِّر هذا النموذج ـ على سبيل المثال ـ الثابت الكوني والمصادفات الواضحة الأخرى في القوانين الفيزيائية، ومنها استقرار النيوترونات ضمن النوى. وفي المستوى الثالث، يمكن ألاّ توجد الأكوان المتوازية إلا في الحالات الكَمِّيَّة فقط.

أما القمة التي يسعى تِجمارك إلى الارتقاء بنا إليها، فهي «الأكوان المتعدِّدة من المستوى الرابع». ينصّ هذا المستوى على أن الكون لم يُوَصَّف بالرياضيات جيدًا فحسب، بل هو الرياضيات فعلًا. فكل البِنَى الرياضية الممكنة لها وجودها الفيزيائي، وهي تعطي مجتمعةً أكوانًا متعددة. وهنا، يأخذنا تِجمارك بعيدًا عن وجهات النظر المقبولة، مُدافِعًا عن رؤيته الشخصية لتفسير الكون.

إنّ هذا الكتاب قَيِّم، كُتِبَ بأسلوب شديد البساطة، لكنْ دون تَخَوُّف من وضع أعباء كبيرة على عاتق القراء، خاصة عندما يصل مستوى الأكوان المتعددة إلى المستوى الرابع. والشيء المدهش هو كيف استطاع تِجمارك حَمْلَك ـ على غرار شخصيات الكرتون ـ لتقفز من فوق جرف صخري، حتى تتساءل إنْ كان ثمة شيء ما يرفعك فعلًا، أم لا.


الساعة الآن 04:23 PM.

Powered by vbulletin
Copyright ©2000 - 2024.


HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

أن المنتدى غير مسئول عما يطرح فيه أفكار وهي تعبر عن آراء كاتبها

This Forum used Arshfny Mod by islam servant